يشكّل الوصول للمعلومات والتثقيف الخاص بالصّحة الجنسيّة والإنجابيّة في المنطقة العربيّة تحدًّا حقيقيًّا لليافعين/اليافعات والشباب/الشّابات، فكيف يكون الحال إذا تحدّثنا عن حقوق الصّحة الجنسيّة والإنجابيّة للأشخاص ذوي الإعاقة؟
يقدّر عدد الشباب في الفئة العمرية بين 15 الى 24 عاما في المنطقة العربيّة بنحو 73 مليون شاب وشابّة، في حين تقدّر نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم بحوالي 15% وفقا لأرقام الأمم المتّحدة.
يواجه الأشخاص ذوي الاعاقة صعوبات مضاعفة في الوصول الى خدمات وحقوق الصحة الجنسية والإنجابية وذلك نتيجة قناعات مجتمعيّة تترواح بين محاولات الأسر إخفاء أبناءهم ذوي الإعاقة ما يعيق وصولهم إلى الخدمات ومن جانب آخر الإعتقاد بأنّ الأشخاص ذوي الإعاقة لا حاجة لهم لمعرفة أو الوصول لهذه الخدمات لأنّها غير مهمّة لحياتهم، وهو إعتقادٌ خاطئ بالمطلق.
“هلا محفوظ” شابّة أردنيّة عملت مع مجموعة من الشباب والشابات للتوعية المجتمعيّة بالصحة الجنسية والإنجابية لذوي الإعاقة من خلال إعداد دليل متخصّص وعقد ندوات وجلسات توعية للشّباب والشّابات من إعاقات مختلفة (حركيّة وسمعيّة وبصريّة وإعاقات متعدّدة) لتوعيتهم بحقوقهم وكيفيّة الوصول للخدمات.
وفقا لـ هلا فإنّ الندوات التي شارك بتصميمها شباب وشابّات من ذوي الإعاقة شملت مفاهيم الصحة العامّة في جزئها الأوّل في حين يتناول الجزء الآخر التخصّص في موضوع الصحة الجنسية والإنجابيّة فضلًا عن توفير منصّات على مواقع التواصل الإجتماعي لتوعية ذوي الإعاقة وأسرهم بهذه الحقوق.
تقول هلا “العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة يكبرون في العمر وهم لا يعرفون شيئًا عن أجسادهم لأنّ ذويهم على قناعة أنّ هذا النوع من المعلومات غير مهمّة لأبناءهم فهم بحسب قناعة ذويهم لن يتزوجوا بالتّالي لا حاجة لتلك المعلومات”.
تلقي الضوء هلا إلى إشكاليّة أخرى تتعلّق بعدم الوصول إلى الخدمات لأسباب تتعلّق بعدم وجود تسهيلات بيئيّة في المراكز الصحيّة تسهّل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة لهذه الخدمات فضلًا عن ضعف المعرفة لدى الكوادر الطبيّة في التعامل مع بعض أنواع الإعاقات.
وتشير الى أن غياب خدمات الصحة الجنسيّة والإنجابيّة لذوي الإعاقة تنعكس بشكل سلبي كبير لناحية تعرّضهم للإساءة والعنف مشيرة في ذلك إلى واحد من أسوأ أشكال العنف التّي تتعرّض لها الفتيات ذوات الإعاقة الذهنيّة المتعلّقة باستئصال أرحام الفتيات ذوات الإعاقة.
ووفقا لهلا فإنّ العديد من الحالات المرضيّة تفاقمت بشكل كبير بسبب تأخّر العائلات عن تحويل أبناءهم وبناتهم إلى العلاج.
ويعدّ التثقيف والتعريف بالصحة الإنجابية بمثابة أداة للحماية الذاتيّة للأشخاص ذوي الإعاقة من الإساءات والعنف فمن خلال برامج الصّحة الإنجابية الشاملة يتم تدريب الأشخاص من ذوي الإعاقة وأسرهم على كيفية الوقاية والحماية من الإساءات وأشكال العنف المختلفة والإفصاح عنها.
وتعدّ موضوعات الصّحة الإنجابيّة من أكثر المواضيع أهميّة لكونها تتقاطع مع طائفة واسعة من الحقوق للأشخاص ذوي الإعاقة. كما تنبع أهميّة التوعية بالصّحة الإنجابيّة لذوي الإعاقة بجميع المراحل العمرية وذلك لحمايتهم من الإستغلال والعنف الذي قد يمارس ضدّهم، كما يجب أن تقوم هذه الخدمات على حقّهم في الوصول والحصول على الخدمات المتعلّقة بهذا الجانب وتوفيرها وتسهيل الحصول عليها، وحقّهم في إتخاذ القرارات الخاصّة بصحّتهم الإنجابيّة .
ونصّت الإتفاقيّة الدوليّة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أحكام خاصّة بالحقوق الصحيّة والإنجابيّة لذوي الإعاقة إذ نصّت الإتفاقيّة على “توفير رعاية وبرامج صحيّة مجانيّة أو معقولة التكلفة للأشخاص ذوي الإعاقة تعادل في نطاقها ونوعيّتها ومعاييرها تلك التي توفّرها للآخرين، بما في ذلك خدمات الصحة الجنسيّة والإنجابيّة وبرامج الصّحة العامّة للسّكان”.