SRHR - Masarouna - GBV - women and girls

#لن_تكسر_إرادتي: التحرش الرقميّ ضد النساء والفتيات

عمّان – “كنت أقوم بتصوير مسلسل جديد، حيث كانت الحلقة الأولى، وكنا جميعًا متحمسين. خلال الاستراحة، تحققت من هاتفي فوجدت العديد من المكالمات التي لم يردّ عليها. عاودتُ الاتصال بواحدة منهم مرة أخرى، وعند الإجابة سألوني فورًا: “ما هي قصة الفيديو؟”.
‏‎بهذه الكلمات صرحَتْ مقدمة البرامج والشخصيّة الإعلاميّة نادية الزعبي في بيان مرئي.

‏‎كانت “الزعبي” مندهشة عندما اكتشفت أن شخصًا ما قد نشر شائعة تدعي تداول فيديو فاضح لها عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ. وكانت قضيّة الزعبي ليست فريدة: وفقًا لمنظمة EuroMed Rights[1]، يعاني 44 في المائة من النساء في الأردن من العنف الذي يتعرضن له من رجل غريب في الفضاء الرقمي.
‏‎تتمتع الأردن بمستوى عال جدًا من انتشار الإنترنت واستخدام الهواتف الذكيّة. وفقًا لهيئة تنظيم الاتصالات، يمتلك تقريبًا 90 في المائة من الأسر خدمات الإنترنت في منازلهم، بينما يستخدم 65 في المائة من الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات الإنترنت. في المقابل يتساوى عدد الرجال والنساء في استخدام الإنترنت في الأردن تقريبًا، فالنساء هنّ اللّواتي يتحملن أعباء التحرش الرقميّ، الذي لا يزال سائدًا على الرغم من التشريعات والجهود المبذولة لمعالجته.

‏‎وفيما يحتفل العالم اليوم باليوم الدوليّ للمرأة، يُعَدُّ الفضاء الرقميّ جانبًا آخراً من حياة النساء والفتيات محدودًا وغير آمن، وأحيانًا يشكل تهديدًا للحياة

الملايين من النساء والفتيات المعرضات للعنف عبر الإنترنت

في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التحرش الرقمي والسيبراني هو أكثر أشكال العنف المبلَّغ عنها ضد النساء. [2]ووفقًا لوحدة جرائم الإنترنت في الأردن، ارتفعت حالات التحرش الرقمي خلال جائحة كوفيد-19؛ حيث تم الإبلاغ عن 9,500 حالة جريمة إلكترونية في عام 2021، بما في ذلك 4,000 حالة تنمر رقمي، تعرض منها 2,800 للنساء. وقد أكدت سلمى نعيم، الأمينة العامة للهيئة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، أن الأرقام الحقيقية ربما تكون أعلى، حيث يوجد العديد من الحالات الأخرى التي لا يتمّ التبليغ عنها في الكثير من الأحيان.

‏‎اختارت الزعبي عدم تجاهل التحرش الذي تعرضت له. وبمساعدة من المجتمع المدنيّ والنشطاء فيه، أطلقت حملة “#لن_تكسر_إرادتي” التي حظيت بدعم كبير على وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن.

‏‎ووفقًا لدراسة أجرتها “الأمم المتحدة للمرأة”[3]، يشعر نحو نصف النساء في الدول العربية بعدم الأمان بسبب التحرش المنتشر عبر الإنترنت، في حين تعرض أكثر من 60 في المائة من النساء في الأردن للعنف عبر الإنترنت.

‏‎ووفقًا لنفس الدراسة، تم توجيه اللوم على 23 في المائة من النساء اللواتي تعرضن للتحرش الرقمي، في حين أُخبرت 35 في المائة منهن بتجاهله، واختارت 21 في المائة الانسحاب من العالم الرقمي وحذف وجودهن عبر الإنترنت. وبشكل مقلق، واجهت 12 في المائة من النساء والفتيات في المنطقة العنف الجسدي بعد العنف عبر الإنترنت الذي تعرضن له من قبل أفراد عائلاتهن.
‏‎قالت بيسيكا ثابا، قائدة برنامج العدالة الجنسانية في منظمة أوكسفام في الأردن: “جعلت الجائحة الفضاء الرقمي بعدًا حيويًا في حياتنا. انتقل التعليم والاتصال والتواصل الاجتماعي وحتى الرعاية الصحية إلى العالم الرقمي، لذا يجب أن ندرك أن الحقوق الرقمية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان”.

‏‎وأضافت ثابا أن التحرش الرقمي يعرقل قدرة النساء والفتيات على اتخاذ قرارات مستنيرة حول حقوقهن الجنسية والإنجابية، ويحرمهن من منصة حاسمة تساعدهن على مواصلة حياة صحية واتخاذ قرارات مستنيرة.

‏‎وأكدت ثابا قائلة: “عندما لا يشعر النساء والفتيات بالأمان للانتقال عبر الإنترنت والوصول إلى معلومات حاسمة يمكن أن تساعدهنّ في صحتهنّ الجنسيّة أو توفر لهنّ فرصًا لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن خياراتهنّ الإنجابيّة، فإنّه من المهمّ أن نتساءل ونسمع ونعرف الأسباب. مع زيادة اعتماد العالم على الإنترنت، يجب ألا يتم ترك النساء والفتيات على الجانب الآخر من الفجوة الجنسانية والرقمية”.

ما يحدث عبر الإنترنت ينعكس في العالم الواقعي

تشير الدراسات[4] إلى أن العنف الرقمي ضد النساء والفتيات لا يقتصر على الفضاء الرقمي فقط؛ حيث أفادت 33 في المائة من النساء بأن تجاربهن في العنف عبر الإنترنت انتقلت إلى العالم الواقعي.

‏‎في أغسطس 2020، صدم الأردنيون عندما قام أخ الفتاة البالغة من العمر 14 عامًا بقتلها بسبب إنشاء حساب على فيسبوك. هذا الحادث يذكرنا بأن وجود النساء عبر الإنترنت لا يزال محظورًا في بعض المجتمعات، وأن الانتقال إلى العالم الرقمي قد يشكل تهديدًا لحياة بعض الفتيات والنساء.
‏‎هذا النظام الأبوي الرقمي يحد من الخيارات والإمكانات المتاحة أمام النساء والفتيات.

‏‎وختمت ثابا قائلة: “التكنولوجيا هي قوة. يحرم التحرش الرقمي للنساء والفتيات من هذه القوة. إنه يعرقل قدرتهن على التعلم ورفع أصواتهن في القضايا التي تهيمن وتحكم حياتهن اليوم وغدًا”.