في منطقة غالبا ما تكون فيها وسائل الإعلام مستقطبة وتسيطر عليها المصالح الخاصة للسياسيين أو نخبة رجال الأعمال، وحيث لا تتحدث وسائل الإعلام في كثير من الأحيان عن الإحتياجات العامّة، تقف رصيف 22 كمنارة للأمل. تم إطلاق منصة الوسائط الرقمية بعد الربيع العربي كمنفذ مستقل، و منصة رائدة في إستحداث مناهج جديدة إعلاميّة في المنطقة مثل الإستخدام المبتكر للصور، وشبكة واسعة من الصحفيين المواطنين، وزاوية إنسانية تتحدى التغطية الجافة والسطحية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وسائل الإعلام التقليدية. في أغسطس 2023، إحتفل رصيف 22 بمرور عقد واحد منذ إنشائه.
كأكبر شبكة إعلامية مستقلة عبر الإنترنت في المنطقة، تركز منصّة رصيف 22 أيضا على قضايا الأقليات، عبر خطوط العرق والجنس والدين؛ بهدف تحقيق مجتمعات شاملة وديمقراطية وحرة. توفر المنصة للكتاب والقراء مساحة آمنة لمناقشة الأفكار وتحدي الوضع الراهن الذي تمليه الأنظمة السياسية والنظام الأبوي والمعايير المجتمعية والرقابة عبر مناطق القراء الجغرافية. رصيف 22 هو شريك RNW Media في إطار برنامج مسارنا، وتحفز قوة الشباب المتنوع للعمل الجماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال مسارات جديدة ومبتكرة للتغيير، مع التركيز على الصحة والحقوق الجنسيّة والإنجابيّة (SRHR).
الصحفية الفلسطينية رشا حلوي هي رئيسة تحرير 22 وكريستين مهانا التي تتّخذ من بيروت مقًّا لها هي منسقة المشاريع والعلاقات مع القرّاء. تحدثنا إلى حلوي ومهانا عن عملهما الملهم، وعملية الإنشاء المشترك مع RNW Media في إطار برنامج مسارنا.
ما هو تركيز رصيف 22 في إطار شراكة مسارنا؟
رشا: منذ أن بدأنا رصيف 22 قبل 10 سنوات تقريبا، كانت الصحة الإنجابية و الجنسيّة وحقوقها من بين الموضوعات العادية التي نركز عليها، وكنا من بين أوائل المنصّات التي تفعل ذلك في المنطقة. الفرق الوحيد هو أننا غطيناه بعمق أكبر، بما في ذلك التقاطع مع مجالات التركيز الأخرى. هناك أيضا تركيز حالي على العمق – حتى لو كان تركيزنا على لبنان؛ فإن التواصل على مستوى أعمق مع المجتمع المدني، وكذلك النشطاء من جميع مجالات التركيز والمناطق الجغرافية في لبنان، هو أيضا أولوية. نحاول التحول من معالجة القضايا ذات الصلة ببيروت فقط، وهي مدينة ديناميكية يحدث فيها الكثير، إلى تغطية القضايا ذات الصلة بمخيمات اللاجئين والمناطق الريفية.
كيف كانت الشراكة مع RNW Media مفيدة للمنصة؟
كريستين: ساعدت عملية الإنشاء المشترك أيضا حقا في دعم رصيف 22. كمنفذ إعلامي مستقل، كان لعمل رصيف 22 مستويات عالية من المشاركة مع الجماهير، لكننا كنا بحاجة حقا إلى عين أخرى لمساعدتنا في وضع الاستراتيجيات. كان من المفيد للغاية التفكير مع RNW Media؛ كانت الإجتماعات التّي عقدناها فرصة جيدة للتفكير في عملنا والتركيز أكثر على إحتياجاتنا. إنّها عملية مستمرة؛ كانت جوانب مثل مساعدة فريق الإتصالات لدينا في تطوير إستراتيجيّات القنوات مفيدة على العديد من المستويات، مما يعزّز أدائنا الرقمي.
على مستوى المشروع، ما كان فعالا أيضا بالنسبة لنا هو أنه في حين أن رصيف 22 كان دائما على إتّصال جيد بالمنظمات الشريكة والمنافذ الإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني، فإن شراكتنا مع RNW Media عمقت علاقاتنا على أرض الواقع مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني. سواء كان ذلك من خلال ورش العمل أو التدريبات أو الأحداث مثل قمة تأثير وسائل الإعلام الرقمية التي عقدت في مصر لجمع الشركاء، فقد ساعدت كل هذه المساحات على تضخيم الاتصالات، وفرصة لاستكشاف كيف يمكننا التعاون من خلال العمل الشعبي على أرض الواقع.
هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عمّا هو قادم؟
كريستين: نتطلع إلى العمل مع RNW Media خارج مسارنا، ومعالجة الوسائط الرقمية، والتواصل مع المنظمات والمنصات الرقمية الأخرى. نهدف أيضا إلى تغطية الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان في بلدان خارج لبنان. هدف آخر هو العمل من أجل الاستدامة المالية لرصيق 22 . هناك الكثير مما يحدث على كل من إنشاء المحتوى والمستويات التنظيمية.
السياق في المنطقة معقد للغاية حاليًا ويمكن أن يكون معاديًا لمنصات وسائط الإعلام الرقمية. كيف ترون هذا؟
رشا: بينما نحتفل بالذكرى السنوية العاشرة لرصيف 22، تأسست المنصة في وقت من التحديات الهائلة. عندما تأسست في عام 2013، بعد الثورات، كانت الأرض لا تزال خصبة. كانت مثل بركان في المنطقة، وكما نعلم بعد بركان الأرض تكون جاهزة للحصاد من جديد. لذلك، هذه هي الطريقة التي تم بها إنشاء رصيف 22، من واقع يشهد تحديات هائلة ولكن أيضا أملا. في الوقت الحالي، يحاول الجميع التمسك بالأمل بطرق مختلفة. لم تتحقق المطالب التي إحتجيّنا عليها أبدا؛ لم نصبح مجتمعات أكثر حرية وأكثر عدلا، ولم تصبح أنظمتنا أكثر ديمقراطية. لكننا نتمسك بالأمل، ونستمر في الوجود، مثل الواحات في الصحراء التي يتجمع حولها الناس. في بعض الأحيان، قد يكون هؤلاء الناس متشابهين، وفي أحيان أخرى لا يتحدثون كثيرا، لكنهم يتحدثون مع بعضهم البعض. بهذه الطريقة، نواصل خلق مساحات للحوار، ومساحات حيث يمكن للناس التعبير عن أنفسهم، ومساحات تهتم فيها وسائل الإعلام بالمصلحة العامة وتحميها، وتتحدث من خلالها بدلا من التحدث نيابة عنهم.
في وقت أصبحت فيه المساحات أكثر تقييدا؛ والظلم والقمع يتّسعان، ولا تنحاز أنظمتنا السياسيّة إلى جانب الناس، أو الضعفاء، لذلك في رأيي أنّ التحدي الحقيقي هو الإستمرار في الوجود وسط هذا الواقع. وبإعتبارنا منفذًا إعلاميا بديلًا، فإن الظروف ليست الأفضل، ولكننا نأمل في الأفضل.
كريستين: إنه تحد للبقاء على صلة والبقاء على قيد الحياة. الإستدامة، إستمراريّتنا، تمثل تحديا. الأمور تتغير بسرعة، لذلك يجب أن نتكيف بسرعة. قد تصبح قدرتنا على إعطاء الأولوية للعدالة الإجتماعيّة ونقل هذه الرسالة أكثر صعوبة، لذلك نحاول مواكبة الإتّجاهات الجديدة وإيجاد طرق جديدة للتحدث إلى الناس – هذا ما نفعله كل يوم في رصيف 22، سواء كان ذلك من الناحية التحريرية أو الإتصالات، نتواصل مباشرة ونتفاعل بشكل أفضل مع جمهورنا مع تطوّر الصناعة.